Saturday 3 June 2017

Dr Toma Gabiel HENDOW
الدكتور توما جبرائيل هندو
من أطياء البصرة الرواد

بقلم الدكتور غانم يونس الشيخ

كان من أوائل الأطباء العراقيين العاملين في البصرة هو الدكتور توما جبرائيل هندو

 ولد الدكتور توما هندو في زاخو من أعمال ولاية الموصل العثمانية عام  1910 ودرس الأبتدائية وأنهى الدراسة المتوسطة في  الموصل عام 1922 وأنتسب الى سلك التعليم وأصبح معلما بعد حصوله على شهادة دار المعلمين ولكن طموحاته لم تقف هناك فكافخ ودرس  ليدخل امتحان الأعدادية كطالب خارجي ونجح بتفوق ليدخل الكلية الطبية ببغداد أثناء تبعيتها لجامعة أل البيت عام 1930 وقبل إالغائها ذلك العام بالذات ليتخرج بالدورة الثالثة عام 1935 واصبح بعد تخرجه اول طبيب مقيم في العراق حيث أقام لأكثر سنة بمستشفى العزل (الكرامة فيما بعد) اعتبارا من تموز 1935 وفي  أواخر كانون الأول  1936 تعين طبيبا في السكك والموانئ العراقية في البصرة وكان من أوائل الأطباء العراقيين في البصرة واستمر بالعمل حتى حزيران 1939 ليعين في المستشفى الملكي بالبصرة ويستمر حتى حزيران 1948 حين أستقال من الوظيفة وتفرغ للعمل في عيادته الخاصة. وبعد قيام ثورة 14 تموز عاد الى الوظيفة في حزيران 1959 وعين طبيبا في صحة البصرة ومن ثم رئيسا لمركز الأمراض المتوطنة للمنطقة الجنوبية (البصرة والعمارة والناصرية) وكان أحد الأعضاء البارزين في فريق رئيس صحة لواء الصرة الدكتور شامر توفيق واستمر يقارع الملاريا حتى تاريخ تقاعده في تشرين الاول 1972. وتدرب أثناء ذلك متمتعا بزمالات من منظمة الصحة العالمية على استئصال الملاريا في مصر عام 1962 وفي فنزويلا ودول امريكا الوسطى عام 1965.



وكان الدكتور توما عضوا في الجمعية الطبية العراقية والجمعية الطبية البريطانية فرع الشرق الأوسط وجمعية الأعمال الخيرية في البصرة ورئيسا لجمعية سيدة النجاة الخيرية في البصرة وابلى بلاءا منقطع التظير ومشهودا له في ادارته لمشروع إبادة واستئصال الملاريا في المنطقة الجنوبية وطوّر اعمال المكافحة ودرب جيلا من علميا وعمليا حتى شاعت اعماله دوليا حيث كانت تقاريره الدورية التي كان يجررها وثائقا رسمية ودراسة حالة مرجعية دوليا بالمكافحة باسم العراق والقيت في المؤتمرات في ايران وليبيا ولبنان واجتماعات منظمة الصحة العالمية كما نشر مقالات عدة عن الالملاريا والهيضة والتدرن.
وكانت للدكتور توما هندو فلسفته الخاصة وهو الأب حيث كان ولده الدكتور جبرائيل (كابي) زميلنا في الأقامة بالبصرة الجمهوري حيث تحدث الدكتور توما عن فلسفته قائلا:العائلة للأنسان هي المدرسة والشارع هو الكلية والوطن هو الجامعة لأبنائه وكل الشذوذ الأخلافية هي ثمار التربية العائلية الفاسدة وكل الأنحرافات عن الوطنية الحقة سببها الشارع ورفقة السوء. ويقول ان اكثر ما يفرح الطبيب هو عندما يرى نجاحه في مساعدة المريض على الشفاء واكثر ما يحزنه عندما يرى زملاءه ينصرفون خلاف مُثلهم التي يؤمنون بها ولابد من الأقتناع بأننا كلنا نفنى ويبقى الوطن شامخا معافى الى منتهى العالم.

يقول الدكتور أديب الفكيكي واصفا الدكتور توما هندو: رجل نحيف الجسم تلاحظ عليه عرجة في مشيته، نشيط في حركته وسريع لم التق به يوما الا وغبار البراري قد غطى رأسه وعفر وجهه حتى كساه حلة القديسين الباحثين في البوادي عن الحقيقة التي تسعد الأنسان وتوصله للكمال. هو بسيط في قيافته متواضع في لقائه عجول في متابعته لواجبه اذا لم تكن تعرف توما هندو بين حشد من العاملين في المكافحة فلن تستطيع تمييزه كطبيب ومدير عن العاملين وفي جولة تفتيش لي بالبصرة اشاروا لي ليعرفوه الي قائلين هو ذاك د. توما ليمسح كفيه ليصافحني وتمتم بكلمات مجاملة لم يسمعها احد ثم لفه سكون التواضع وسمع مني ولم اسمع منه بل رأيت بعيني ما أنجزه وما كان على وشك الأنجاز ثم تركنا وانصرف الى عمله وكأنه نادم على بضع دقائق ضيعها في مجاملات لاموجب لها.

كان جبرائيل هندو والد الصبي توما يرغب له ان يصبح قسيسا ويدرس اللاهوت فصار قديسا لخدمة الأنسان صنيعة الله التي فضلها على كثير من خلقه حتى لكأنه مكلف بصيانة امانة مكلف برعايتها. ويوم كانت الألوف من الناس في الجنوب ويوم كانت البرداء تعصف بالمئات فيتركون مخازنهم ومصالحهم وأسواقهم متدثرين راجفين يتصبب منهم العرق البارد وتصبغ وجوههم صفرة الفقر الدموي وتوسع بطونهم تضخمات الطحول والكبود ويطمس اصواتهم الأعياء والخمول فشاء الله ان يرحم ابناء هذا الشعب المظلومين فمن عليهم من بين ابنائهم كي يتصدى لأسباب تعاستهم وينقذ الناس من ويلات اصابتهم فيدب النشاط بعد الأعياء والخمول ولتعلو حمرة الوجنات على شحوب الوجوه ولتعمر الأسواق من جديد فكان توما هندو ورفاقه في الجنوب وعبد القادر شالي ورفاقه في الشمال ومحمود ابراهيم وامجد نيازي ورفاقهم في الوسط وكانوا ملح الأرض الذي لايفسد وكانوا نور العالم هذا هو توما هندو قضى اواخر سنوات عمره في العقد التاسع مقعدا في الكويت ولازىل فخورا بما قدم لبني الأنسان في وطنه. رحمه الله رائدا فذا من جيل لايتكرر.

والدكتور توما هو أحد أبناء جبرائيل هندو الأربعة كما مبين في الصورة النادرة في أدناه وهم: الجالس الوالد جبرائيل هندو والواقفون من اليمين: أفرام (تاجر) والدكتور توما (من أطباء البصرة الرواد) والدكتور حبيب (من أطباء البصرة ارواد) ورؤوف (من أطباء البصرة الرواد ويعيش حاليا في الولايات المتحدة).
الصورة من مقتنيات السيدة آن رؤوف هندو (مع كافة الحقوق وبمنع تداولها دون أذن مسبق) 



No comments: