Sunday 30 July 2017

Dr Shakir Towfiq ALSIKAFI
الدكتور شاكر توفيق
من أطباء البصرة الرواد

بقلم الدكتور غانم الشيخ


الدكتور شاكر توفيق السكافي. رئيس صحة لواء البصرة لعقد ونصف.


الدكتور شاكر توفيق: هذا طبيب يمكن ان نلقبه بالمناضل اذا جاز التعبير فهذه الصفة قد اقترنت في عصرنا الراهن بالذين يخوضون غمار السياسة. وشاكر توفيق قضى عمره مناضلا لا في صالونات السياسة بل في الأهوار والبوادي من اجل ان يخلق صحة في مناطق لم تعرف الصحة من قبل. واذا اردنا إنصاف الرجل شاكر توفيق نقول: ان فعاليات الصحة الموجودة في البصرة وما أحتوتها من أبنية وتأسيسات وهياكل تنظيمية في الريف وفي المدن تمت بجهود منه. أنه خدم البصرة أربعة عشرة سنة من عام 1955 وحتى عام 1969. وخلال السنين التي قضاها هناك عمل على توسيع مباني المستشفيات وردهاتها وانشأ بناية رئاسة الصحة وكانت داخل المستشفى الجمهوري وأسس مدرسة التمريض ومدرسة الممرضين وأنشأ دور للأطباء المقيمين على شكل خمس فلل منفصلة ومتجاورة تتكون كل منها من طابقين بست غرف وملقات ولي ولكل الأطباء المقيمين ذكريات عبقة فيها وعنها وقسما داخليا للمرضات وأنشأ العديد من المستوصفات الجديدة في النواحي والقرى وبناء مستشفى الأطفال في العشار وتوسيع مستشفى ابو الخصيب ومركز رعاية الأمومة والطفولة والولادة في الزبير وأستجدى الأموال, نعم قال أستجدي الأموال لبناء مستشفى الأمراض الصدرية في الزبير لإيواء أفواج المصابين بداء السل في الستينات وبذلك نجح في أن يجعل عددا من الكويتيين ممن تجمعهم صلات القرابة بأهل الزبير ان يتبرعوا لجمع بعض المال اللازم كما أنشأ مستوصف الأمراض الصدرية في العشار وشيد عشرات المستوصفات والمراكز الصحية في نواحي وقرى البصرة وعلى يديه نشأت وترعرت الصحة القروية المتنقلة في أهوار لواء البصرة وبراريها ودعمَ فعاليات السيطرة على الأمراض المتوطنة كالملاريا والبلهارزيا دعما علميا وعمليا مما ساعد العاملين بهذه الحقول على اكمال شخصيبهم العلمية المعنوية للأنطلاق نحو الأبداع وصارت تجاربهم نموذجا دوليا للإبداع وهو أول من أنشأ الفرق المتنقلة لطبابات الأسنان ووسع عمل وحدات الأشعة المتنقلة للتحري عن التدرن الرئوي وإنشاء فرق الإرشاد الصحي والسينما الصحية المتجولة وشارك في تخطيط مشروع إنشاء المستشفى التعليمي في الراضعية وتأسيس كلية طب الصرة حيث كان في مقدمة أعضاء اللجنة المكلفة بالتأسيس وفق أمر التأسيس عام 1966 وغيرعا الكثير من الأعمال ذات الأثر والتأثير الباقي حتى اليوم. والذي لم يلتق بالدكتور شاكر توفيق ويقرأ سيرته يتصوره رجلا ضخم الجثة عريض المنكبين مفتول العضلات ذا شاربين طويلين ومفتولين يدك الأرض اذا سار عليها ولكنه لم يكن رحمه الله غير جسم نحيف قصير متعب وتتأكد للفور أنه كتلة من إرهاق جسماني وفكري ومادي وهو الذي شفي من إصابته بالتدرن في مقتبل حياته ورفعت له نصف احدى رئتيه وفقد السمع واستعمل السماعة من مضاعفات العلاج فكان يشعر بالام كل مصاب ويعتبر مرضه بلواه هو ولذلك أفنى حياته قرب المرض والمرضى ساعيا الى إستئصاله وقد نجح ولذلك لم يكن يفكر لنفسه بأكثر من ضرورة توفير وجبة غداء كافية له ولأهله ولباس يستر أجسامهم وكفى وكانت عيادته المتواضعة في عمارة جلال سعيد نعوم بالعشار شاهدا على زهده وتفانيه للصالح العام. 

ولد الدكتور شاكر توفيق في مدينة النجف يوم 9 شباط عام 1915 ودرس فيها الأبتدائية والمتوسطة والأعدادية وكان دائما من المتفوقين حيث دخل الكلية الطبية الملكية ليتخرج منها طبيبا في الدورة التاسعة عام 1941 مع زميله الدكتور محمد حسين السعدي. حصل على الأختصاص بالصحة العامة من الولايات المتحدة عام 1954 وشغل مناصب ادارية مختلفة قبل توجهه الى البصرة حيث كان رئيسا للصحة في لواء الديوانية ثم لواء كربلاء ولواء العمارة. وفي عام 1969 نقل الى بغداد ليشغل منصب مفتش وزارة الصحة وحتى إحالته على التقاعد بعد ذلك بسنوات. وعند وفاته أقترح بعض المعترفين بأفضاله على الصحة في البصرة وعلى وزارة الصحة أن يطلق أسمه على أحدى ردهات مستشفى البصرة التعليمي تخليدا لخدماته التي قدمها للبصرة خاصة وللعراق على وجه العموم. رحمه الله. 
مقال الدكتور شاكر توفيق  

Saturday 29 July 2017

Dr Mohamed Rashad ABDEL WAHID

الدكتور محمد رشاد عبد الواحد
من أطباء البصرة الرواد


بقلم الدكتور غانم يونس الشيخ
ولد الدكتور محمد رشاد  عبد الواحد في البصرة عام 1913. 

وتخرج الدكتور محمد رشاد من جامعة آل البيت العراقية عام 1939 حيث كانت كلية الطب ببغداد تتبعها إدارياً إضافة الى كلية الشريعة. وخدم في الطبابة العسكرية بالبصرة وبغداد وأصبح آمراً لمستشفى الرشيد العسكري عام 1955. ساهم مع الوحدات الطبية الميدانية في حرب فلسطين عام 1948 وآخر رتبة وصل لها قبل التقاعد هي رتبة الزعيم الطبيب في الجيش العراقي عام 1962 وكانت له عيادته الخاصة التي مارس فيها المهنة وكانت تقع في الكاظمية ولتخصص طب الاطفال. توفي في الثمانينات رحمه الله. تقلد رحمه الله منصب مدير الأمور الطبية في وزارة الدفاع في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات وكان يدعى رشاد عبدالواحد وهو الرئيس الفخري لنادي العلوية في بغداد ولفترة طويلة ويذكر أنه أجرى العملية الجراحية بالاشتراك مع الدكتور هادي السباك للزعيم عبد الكريم قاسم عند محاولة أغتياله خريف عام 1959. رحمه الله.


مقال الدكتور محمد رشاد عبد الواحد
Dr Yacoub BUNNI
الدكتور يعقوب بنّي
من أطباء البصرة الرواد
بقلم الدكتور غانم يونس الشيخ


ولد لدكتور يعقوب بنّي في مدينة العمارة عام 1913 وتخرج من كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1935 وهي من أقدم الجامعات بالمنطقة حيث أسست عام 1867.


وعملَ الدكتور بني بعد تخرجه اولاُ في مسقط رأسه في مدينة العمارة ومن ثم أنتقل للعمل في الصرة التي توفي فيها بتأريخ 28 نيسان 1983 رحمه الله. كان الدكتور يعقوب بمثابة الأب الحنون للفقراء والمعوزين الذين يراجعوه في عيادته فكان له اسلوباً متفرداً في تعامله مع مرضاه حيث لم يكن فقط يعفيهم من أجرة الفحص وإنما كان يعطي الفقراء منهم من جيبه الخاص ما يكفيهم لشراء الدواء ولشراء سكايرهم وكذلك دفع اجرة السيارة التي تقلهم راجعين الى قراهم وهم يأتون الى البصرة لمراجعته منذ الصباح وإن أطبق الليل عليهم كان يدخلهم الردهة الباطنية الثامنة في المينسفى الجمهوري للعلاج والمبيت وكان اكثرهم ينادونه ب: "يعكوب" دون لقب وبميانة ومودة. يصف الدكتور فلاح الجواهري أمسية يوم قضاه في عمله ويدور حول الردهة الباطنية الثامنة كما عايشها في الستينات وكنتُ وأنا أقرأ ذلك أشعر بالمشهد يعود عرضه وأجدُ نفسي في الوصف لأني عملتُ ثلاثة أشهر في تلك الردهة بعده بسنوات: يقول د فلاح: "اليوم هو الاربعاء.. ردهة الدكتور يعقوب بني للامراض الباطنية هي الخافرة. شحاذو البصرة وجياعها يتوافدون باعداد غير قليلة آملين عبر مظاهر الامراض المزمنة التي يعانونها عدا مرض جوعهم الازلي أن يسعفهم المرض وطبيب العيادة الخارجية الخافر في دخول ردهة النعيم الموقت ردهة الدكتور يعقوب بني. هولاء الجياع مرضى كانوا أم متمارضين يعرفون تمام المعرفة طيبة الدكتور يعقوب اللامتناهية هذا الانسان العظيم واسع العلم والنبل. عيادته متاحة مجاناً لفقراء البصرة وشحاذيها، وردهته تحظى برعاية لهم لا مثيل لها حتى عند الاطباء الاختصاصيين الآخرين البارعين في اختصاصاتهم ورعايتهم." ويكمل الدكتور فلاح وصفه المذهل الصادق: " سيحظى عبد عون الشحاذ المترهل المتوزم الذي اراه في مكانه الثابت من جسر سوق المغايز سيحظى ولأيام على الاقل بمكان للنوم غير رصيف الجسر الاسفلتي وبسرير مريح بأغطية نظيفة وإفطار بعد زوال الخطر عند الصباح: قطعة من الجبن ومربى المشمش وقطعة من الزبدة ورغيفا من الخبز وقدحا من الشاي بالحليب... يطلب عبد عون مزيداً فلا ترد ممرضة الردهة طلبه.. ينعم بابتسامة الدكتور يعقوب وكلمته الطيبة اثناء الفحص الصباحي ثم يأتي الغداء بصحن الشوربة ومرق ورز وخبز.. وفي المساء سينعم بوجبة عشاء دافئة" وأكمل لمقالة الدكتور فلاح الرائعة ما كنتُ أشهده بعد أربع سنوات من ذلك فأقول "يقوم الدكتور يعقوب بالتأشير على الطبلة بإخراج أحدهم بعد قضاء فترة "النقاهة" وأنا مغتاضٌ مما يجري وما أن تعدى ركب الدكتور بني سرير المريض حتى صاح المريض بنا: يعكوب...يعكوب..فألتفتُ اليه فلا يعيرني أهتمامَه لعلمه بأن الدكتور بني سيعود الى قرب سريره ويميل عليه ليسمع ماذا يريد فأسترق السمع إنه يبدو يطلب "كروة سيارة" لتأخذه الى قريته فيعطيه الدكتور بني من جيبه ويبتعد... ينظر المريض الى ما في يديه ويصيح مرة أخرى "يعكووووب ...أشو ماكو فلوس الجكاير هالمرة" فيعطيه ما طلب مرة أخرى ويراني مغتاضاً جداً فيقول لي بدون أن أتكلم: "غنومي...خطية منو يداريهم هذولي ومنو يعالج أمراضه وأشلون يروح لبيته؟" نعم حقوق الشحاذين والجياع والهومليس محفوظة لدى كل مقيمي الردهة 8 وبضمنه عدة أيام من جنة الشبع ونعيم الراحة والتعامل الانساني محفوظة لدى الدكتور العظيم يعقوب بني في ردهته. 

 كان الدكنور بني أنسانا إجتماعياً ومن أمهر الناس في حل الكلمات المتقاطعة وكنت أرافقه بين الباطنية 8 الى الجناح الخاص ومن ثم الى الأدارة في نهاية دوام كل يوم حيث كان يقف على طول الطريق ليلبي طلبات العديد من المنتسبين لحل كلمات متقاطعة إستعصى حلها على ممرضات ومرضى وكان يحل ما استعصى عليهم لأيام يحلها بثوانٍ معدودات. و إضافة الى خبرته الطويلة فإن الدكتور بني يمتلك فطنة مذهلة في التشخيص حيث كان أيام خفارة الردهة ينظر من شباك غرفته ويقول لنا إستعدوا أعتقد السدية تحمل مصاب بالجلطة وكان دائما على صواب. ويهتم أيضاً بأي جهد علمي فقد صادف وراجعنا أحد المرضى وقمت بمساعدة المقيم الأقدم وكان أسمه على ما أذكر "خزعل .....ولازال يعمل في العمارة" وعملنا له تحليلات معقدة غير روتينية لفحص مادة الكولاجين كنا قد بحثنا عنها في المجلات الطبية الموجودة في مكتبة كلية الطب الناشئة (وكان عمرها ثلاث سنوات) وذهبنا بأنفسنا الى المختبر لأجراء الفحص وتوصلنا الى تشخيص مرض "مارفان" النادر  وعندما أطلعنا الدكتور بني على النتائج قام بإبلاغ الإدارة عن جهدنا وقدمنا كباحثين مفتخراً أيناء الأجتماع الأسبوعي الذي كان يعقد في قاعة داخل مبنى رئاسة الصحة الجديد الذي بني على يسار مدخل المستشفى الجمهوري ووصلنا كذلك شكر من مدير المستشفى الدكتور داود الثامري وقتها. ومن عظيم فرحي وأنا أعد هذه النبذة الموجزة أن أجد الآن عددا من الأطباء مجتمعين في تلك القاعة ذاتها (أو ربما مشابهة لها) في مستشفى البصرة العام كما يسمى الآن المستشفى الجمهوري (سابقا) وقد أصبحت القاعة تحمل أسم "قاعة الدكتور يعقوب بني"